إدارة الفصل بأسلوب التعلم التعاوني وأثره في تحصيل الطلاب الدراسي
يؤكد العديد من مفكري ورواد التربية والتعليم والإدارة على أهمية التعلم التعاوني من قبل المعلمين في معظم بلدان العالم المتقدمة وأنه مفهوم يعتمد على استراتيجية تستهدف تطوير العمل التربوي من خلال تحسين أداء المعلم المهني والقيادي ، حيث بدأ مع طلائع القرن التاسع عشر الميلادي التركيز على مفهوم التعلم التعاوني نظريّاً وتطبيقيّاً وبيان أثره على الارتقاء ببرامج النمو المهني للمعلمين ، بالإضافة إلى محاولة ترسيخ اقتناع المعلمين بأهمية ممارسة التعلم التعاوني كمدخل في تطوير أسلوب إدارة الفصل .
فقـد قـدم جونسـون وآخـرون ( 1995م ، ص 1-6 ) مدخلاً جديداً في التربية عن مفهوم التعلم التعاوني ، حيث يعمل الطـلاب معا في مجموعات صغيرة ، لإنجاز أهداف مشتركة ، إذ يقسم الطلاب إلى مجموعات مكونة من ( 2-5 ) أعضاء ، وبعد أن يتلقوا تعليمات من المعلم ، ثم يأخذون في الاشتغال بالعمل حتى ينجزه جميع أعضاء المجموعة بنجاح .
ووفقاً لاستراتيجية جونسون وزملائه عن التعلم التعاوني ، فإن العمل التعاوني ، بالمقارنة مع العمل التنافسي والعمل الفردي ، يؤدي إلى زيادة التحصيل والإنتاجية في أداء الطلاب ، والتأكيد على العلاقات الإيجابية بينهم ، وتحسن الصحة النفسية وتقدير الذات ، وأشار حجي ( 2000م ، ص 90 ) أنه يخدم التلاميذ كمصادر لتعلم بعضهم من بعض ويرجع ذلك إلى أن أداء أعضاء المجموعة أفراداً يعتمد على الأعضاء الآخرين للمجموعة ، ولذلك فإن الاعتماد المتداخل الإيجابي يزداد بين أعضائها.
من هنا تكتسب هذه الدراسة أهميتها ، لكونها تسعى إلى تأصيل مفهوم التعلم التعاوني كمدخل جديد في تطوير إدارة الفصل ، مـن حيث تحديـد الأساليب والمعايير التي يرتكز عليها ، ثم تسعى بعد ذلك للتعرف على حدود الدور الذي يمكن أن يلعبه هذا النوع من التعلم التعاوني في تطوير الممارسة التربوية بصفة عامة ، من خلال تطوير أداء المعلم في إدارة الفصل .
مفهوم التعلم التعاوني
خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان ، وخلق فيه صفات وسمات تميزه عن سائر المخلوقات الموجودة على سطح الأرض . ومع ذلك تظل قدرات الإنسان الجسدية والعقلية محدودة ، وغير مؤهلة لأن تحقق له كل ما يطمح إليه من رغبات واحتياجات ، ومن أجل ذلك كان لزاما عليه أن يتعاون مع الآخرين ، وبتعاون الآخرون معه من أجل تحقيق الأهـداف المشتركة . وهذه الرغبة لتحقيق الأهداف والرغبـات من خلال التعاون والعمل الكفء ليست مقصورة فقط على الإنسان الفرد ، لكنها أيضاً تمتد إلى المجموعات في أي مجتمع كان . وحين ينتظم عقد مجموعة من الأفراد من أجل تحقيق هدف معين فإنه يصبح من الضروري عندئذ أن تكون هناك إدارة تعمل على تهيئة الظروف ، وتنظم الجهود من أجل الوصول إلى الأهداف المشتركة المطلوبة ، وهذه الجهود تتمثل في قيام المعلم بدوره التربوي المهني في تنسيق الأنشطة الصفية وغير الصفية المختلفة لمجموعة الطلاب ، من خلال ممارسة استراتيجية التعلم التعاوني داخل هذه المجموعات ، وقـد استخدم كل مجتمع إنساني المجموعات لتحقيق أهدافـه . وفي المقابـل نجد أن جونسـون وزمـلاءه ( 1995م ، ص ص 1-1،2 ) أكدوا بأن نمط إهدار الفرص للإفادة من قوة عمل المجموعات في المؤسسات التربوية يعود إلى خمسة أسباب على الأقل :
1. عدم وضوح العناصر التي تجعل عمل المجموعات عملا ناجحا ، فمعظم المربين لا يعرفون الفرق بين مجموعات التعلم التعاوني ومجموعات العمل التقليدي .
2. عدم إدراك المربين أن العمل المعزول هو نظام غير طبيعي في العالم ، وأن الشخص الواحد لا يستطيع أن يبني سكناً له بمفرده .
3. عدم تحمل المسئولية في فكرة التطوير لدى مجموعة المتعلمين ، وبالتالي تصل إلى عدم تحمل المعلمين مسئولية تعليم الطلاب لأقرانهم داخل الفصل وخارجه .
4. هيمن على عقول المربين فكرة أن عمل اللجان والمجموعات غير ناجح ، وبالتالي يرددون قول القائل : إذا أردت أن تعيق موضوعا في العالم العـربي فإن ذلك يكون بإحالته إلى لجان لدراسته .
5. الرهبة وعدم توافر العزيمة ، بالنسبة للعديد من المربين ، في استخدام المجموعـات التعليمية التعاونية .
ولمحاولة القضاء على هذه الأسباب في تطبيق مفهوم التعلم التعاوني داخل المجموعات التعليمية في المدارس ، ذكر جونسون وزملاؤه ( 1995م، ص ص 1 ، 2 ) أنه يجب التغلب على المقاومة الشخصية لاستخدام المجموعات بطريقة منضبطة من خلال مراعاة المفاهيم التالية :
?أ. الفرق بين العمل التعاوني والعمل الفردي .
?ب. النتائج المتوقعة من العمل التعاوني في شكل مجموعات .
?ج. طريقة التطبيق الدقيق للعناصر الأساسية ( سوف يتم شرحها فيما بعد ) .
?د. نوعية التعلم التعاوني الذي يستخدم في المواقف التعليمية المختلفة .
هـ. بيئة تنظيمية في المدرسة ذات أداء مرتفع ، من أجل زيادة جودة التعليم .
الفرق بين مفهومي التعلم التعاوني والتعليم التعاوني :
إن التعلم التعاوني هو الخطوة الأولى من الطريقة التقليدية لعمليات التعليم في معظم البلدان العربية ، من حيث مرحلتي المعرفة والإدراك للمهارات الأساسية ، ومن خلال التعليم الفردي في داخل الفصل الدراسـي ، فالتعليم في غرفة الصف يحتاج إلى جهد تعاوني ، لأن التحصيل غير العادي لا يأتي من الجهود الفردية أو التنافسية للفرد المنعـــزل ، بل يأتي من خلال العمل على شكل مجموعة تعاونية.
أما التعليم التعاوني فهو الفعلي في ترجمة مفهوم التعلم التعاوني ، بما يتيحه من فرص عمل فعلية للطلاب في أثناء الدراسة ، تساعد على تحقيق المراحل المتقدمة في العملية التعليمية ، كما يسمونه : مرحلة التدريب الميداني لبعض التخصصات العلمية والنظرية في مراحل التعليم العالي والثانوي لكافة تخصصاته .
عـرف مجلس القـوى العاملـة ( 1995م ، ص 9 ، 10 ) بأن التعلم التعاوني بأنه البذرة الأولى ، وهو طريقة وأسلوب حديث في مجال تطوير أداء الطلاب الفعال ، من خلال الأداء المتميز من المعلمين ، وفي استخدام استراتيجيات التعلم التعاوني طريقة تدريبية حديثة من أجل تطوير إدارة الفصل للممارسات التربوية الصحيحة ، في شكل مجموعات تعاونية ، داخـل حجرة الفصل الدراسي .
وحتى نجعل العمل التعاوني ذا فعالية بين الطلاب ، أكدت دراسـة جونسون وزمـلائه ( 1995م ، ص ص 1-6 ، 1-7 ) على أن ذلك يتطلب فهما للعناصر التي تجعل العمل التعاوني عملا ناجحا ، وإتقان هذه العناصر الأساسية للتعاون يسمح للمعلمين أن يأخذوه بعين الاعتبار ، ولهذا يجب مراعاة النقاط التالية :
- يتناولـون دراستهم ومناهجهـم وقـراراتهم الموجودة يبغونها بشكل تعاوني .
- يكيفون دروس التعليم التعاوني طبقا لخصوصية حاجاتهم التعليمية ، وظروفهم ، ومناهجهم ، وموادهم ، وطلابهم .
- يشخصون المشاكل التي قد يواجهها الطلاب في أثناء عملهم معا ، ويتدخلون لزيادة فاعلية المجموعات التعليمية الطلابية .